كتاب الإمبراطورية والجمهورية في عالم متغير pdf
المؤلف: جورج فريدمان
منذ الحرب العالمية الثانية حتى انتهاء الحرب الباردة، تحركت الولايات المتحدة ببطء وحذر نحو التفوق، ولكن التفوق لم يتحقق حتى عام 1991، عندما انهار الاتحاد السوفياتي تاركا الولايات المتحدة كيانا ضخما بلا ثقل موازن له.
في عام 1796 ألقى واشنطن خطاب وداعه، وأعلن هذا المبدأ:" قاعدة السلوك الكبرى بالنسبة لنا فيما يتعلق بالدول الأجنبية، هي في توسيع علاقتنا التجارية، لتكون لنا معها صلة سياسية قليلة قدر الإمكان." كان لدى الولايات المتحدة خيار الإبتعاد عن العالم في ذلك الحين، فقد كانت بلدا صغيرا معزولا جغرافيا، وفي الوقت الراهن - وبغض النظر عن مقدار مايمكن أن يتمناه سائر العالم أن نكون عليه من إزعاج أقل مقدار إغراء التوقع، الذي قد يبدو للأمريكيين - كان من المستحيل فحسب لدولة اقتصادها على قدر كبير من الإتساع أن تكون لها علاقات تجارية دون تعقيدات أو نتائج سياسية، وكان دافع واشنطن المناوئ للسياسة يناسب المؤسس الإمبريالي للجمهورية، ومن المفارقة أن النجاح غير العالدي للجمهورية جعل تلك الرؤية مستحيلة.
الاقتصاد الأمريكي أشبه بالدوامة، حيث يسحب كل شيء الى داخله، مع وجود دوامات غير ملحوظة، يمكن أن تدمر البلدان الصغيرة أتثريها، وعندما يكون أداء الاقصاد الأمريكي جيدا، يكون المحرك الذي يدير الالة كلها حينئذ جيدا،وعندما "يتنعتع"،فإنه يمكن أن تتعطل الالة كلها، ليس هناك اقتصاد يمكن أن يؤثر وحده على العالم بهذا العمق،أويربطه ببعضه على هذا النحو من الفاعلية.
 |
| كتاب الإمبراطورية والجمهورية في عالم متغير |
عندما ننظر اللى العالم من وجهة نظر الصادرات والواردات،يذهلنا عدد البلدان التي تعتمد على الولايات المتحدة في5 أو 10 بالمائة من اجمالي ناتجها القومي، وهذا قدر هائل من الإعتماد المتبادل،ومع أن هناك علاقات إقتصادية ثنائية،بل وعلاقات اقتصادية متعددة الأطراف،لاتشمل الولايات المتحدة ، فليست هناك علاقات اقتصادية لا تتأثر بالولايات المتحدة،فالكل يراقب وينتظر، كي يرى ما سوف تفعله الولايات المتحدة، والكل يحاول تشكيل السلوك الأمريكي - ولو بشكل قليل - كي يفوز بميزة ما أو يتجنب خسارة ما.
