رواية أيام التراب PDF
من تأليف : زهير الهيتي
رواية " أيام التراب " للروائي العراقي " زهير الهيتي "، والصادرة لأول مرة عام 2016م، والمترشحة للجائزة العالمية للرواية العربية لهذا العام 2017، تروي حكاية " غصن البان " التي دشنت تفاصيلها مع بداية الإحتلال الأمريكي للعراق، وسقوط بغداد، حيث عمت الفوضى، وسادت رائحة الموت من عمليات القتل الثأري تحت شعار تخليص العراق من نظام صدام حسين، وقامت ميلشيات الرعاع بزرع الخوف في نفسية الشعب العراقي، وبخاصة منهم المسيحيين، و " غصن البان " هي من سلالة بنَت مجدها أيام الملكية العراقية.
مقتطف من الرواية :
الحب ( ماكس ليبرمان )
" بالأمس بعد أن رحل الجميع وغادروني على طعم قبلات تحمل ملوحة الدموع، حلَ صمت ثقيل يشبه ذاك الذي يسبق حكم الإعدام، صمت بارد، أزرق، له أنقاس مسموعة .. أستوعب أنهم قد منحوني تفويض اتخاذ القرار الأخير الصحيح .. ترى هل افترضوا فعلا أني أعرف ما هو الصحيح؟
قررت ألا أتحدث مع مملوكة حول ما حصل، وتجنب الموضوع مؤقتا لكي نسهَل التعامل بيننا .. هل ستقبل هي ؟
ألقيت عليها تحية الصباح ببرودة واتجهت فورا نحو الشرفة كما العادة ، حيث ينتظرني سلوان و " جيفارا " .. تحاشينا بأناقة، أنا وهي، الحديث المباشر أثناء خدمتها لنا، وكلانا يستشعر وطأة السكوت الرمادي المخيم على الكل .. "
الجحيم ( هيرونوموس بوش )
زخَات من الرصاص قطعت سكينة الفجر، ثم راحت الرشقات تتحول إلى إطلاق متواصل مع مشاركة أنواع أخرى من الأسلحة.
لم يكن غريبا أن يحدث هذا في المدينة المستباحة، لكن ليس بهذه الكثافة ولا بنوعية الأسلحة، هذا العنف لم يحدث بعد أن تمَ احتلال المدينة، فحينها سكت الرصاص!
قفزت من الفراش في حالة من الهلع أتساءل .. أين أنا؟
فجأة رأيت حنَة تقف أمامي ووجهها يحمل نفس علامات الهلع التي على وجهي .. الهلع يمنع الكلام، إما أن تصمت أو تصرخ! اخترنا الصمت، ننظر إلى بعضنا من دون أن نلقي حتى تحية الصباح، ماذا نقول ! صباح الخير ؟ اكتقينا بتبادل نظرات الإستفهام، غارت الكلمات وسط النار المشتعلة في الخارج والتي يمكن في أي وقت أن تمتد إلى هنا .. في غرفة نوم حنَة!
كانت أذرعنا تتحرك وحدها مع كل زخة رصاص أو انفجار، وعيوننا ترسم علامات الإستفهام في الهواء، وفي وجهينا الرعب، وفي رأسينا العصابات المسلحة وخطف النساء والمال المنهوب الذي أسال لعاب هذه الحيوانات المتعاركة!
نتحرك قليلا، نختلس النظر إلى باب الشقة الذي نتوقع اقتحامه في أي لحظة ليندفع من ورائه مسلحون ملثَمون يطلقون النار في جميع الإتجاهات .. لا أدري لماذا هم دائما ملثمون، فكرت بسخف اللثام الذي يلجأ إليه المسلحون في هذه المدينة، بالتأكيد هم لا يخشون أحدا ولا يخافون ضحاياهم! ربما يضعونه لأنه يلقي المزيد من الرعب في روعنا، نحن المنهوبين والمغتصبين، أم إنها من تقاليد القتلة في كل زمان ومكان، تقاليد قائمة على الغدر! إنها الستار الأخير للجبناء الذين يستلذون بالقتل من وراء اللثام حارمين ضحاياهم من آخر أمانيهم .. أن يتعرفوا على هوية قاتليهم!"
رواية أيام التراب - زهير الهيتي |