رواية سفر PDF
من تأليف : محمود دولت آبادى
ترجمة : سليم عبد الأمير حمدان
سحب مختار نفسه - دون أن ينظر أو ينبس - من إطار الباب إلى الخارج، وانطلق على الرصيف، لم يكن يحس خطوه، كانت قدماه تأخذانه معهما بحكم العادة، لم يكن حزيناً، ولم يكن غاضباً ايضاً، كان سئماً، نوع من الإرتخاء المتوجع، كما لو أنه سائبا، سقط من الفضاء ! ما كان هذا العمر إذن ؟ أكان ضائعاً ؟ أفيمكن أن يخسر الإنسان عمره بهذه السهولة ولا يفهم، إلا مؤخراً ، أنه خسره؟ وماذا عنده بدلاً عنه نظر مختار بلا إرادة إلى يديه، كانتا خاليتين، خشنتين وتعلوهما العقد، تناول ذيل جاكتتة، الذي تدلى من فوق كتفه، وأقره على كتفه وواصل طريقه.
أرخى خطوه أمام حانوت الخباز، أخذ خبزاً وعاود المسير، كان هذا دأبه كل ليلة، إلى أن رفع رأسه، كان قد وصل خارج المدينة، وكانت ظلمة الخراج المدخَّنة تلف كل مكان، لف حول بضع عربات متداعية وبعض براميل متهرئة وعمود كهرباء، متجها إلى النيسم جنب السكة الحديدية.
سار قليلا في الشريط أدنى الخط ثم اشتهى أعلى أن يتحرَّك على العوارض الضخمة بين السكتين.
